الريح العقيم رواية (الفصل الثالث)
الريح العقيم
رواية
الفصل الثالث
محمد حمودة زلوم
التقى عمر الجاروشي بزميله صلاح الشيخ في محطة المحروقات فما أن رآه عمر حتى صاح بابتهاج:-الأستاذ صلاح الشيخ غير معقول-أهلاً أخ عمر-متى قدمت من الإمارات؟-قبل ثلاثة أيامثم أردف قائلاً بشوق:-قل لي ما أخبار بيتك؟قال عمر والبسمة تضيء وجهه:-أجمل وأروع مما كانت أتصور-الله يهنيك أريد أن أراه فإذا أعجبني أجعل جابر يبني لي مثله-زرنا وسترى-أريد العنوان حتى آتيك مع أم العيال.ثم سكت برهة وتابع قائلاً:-على الأقل نبارك لكم بالسكنى الجديدة-أهلاً بك وقتما شئت
قال صلاح الشيخ:-الليلة إن لم يكن عندكم مانع.-يا أخي كما تشاء عنوان البيت الزرقاء الجديدة شارع 16 قرب المدرسة الثانوية وسأكون بانتظارك.-عال العالوقفت سيارة صلاح الشيخ قريباً من منزل عمر، فقام عمر بالاتصال بصلاح قائلاً:-أهلاً وسهلا، انتظروني إني قادم إليكنزل عمر بسرعة مرحباً:-أهلاً وسهلاً-أهلاً بكودخلا باحة المنزل، كان صلاح يجول بعينيه في البيت، وهو يهز رأسه إعجاباً، أما زوجته فكانت أشد دهشة فقالت:-هذا والله بيت العمرثم التفتت إلى عمر قائلة:-ما شاء إنه بيت جميلقال عمر:-مرحباً-أهلاً وسهلاً زارتنا البركةلما دخلا البيت ورأياه قال صلاح الشيخ:-اللهم صل على النبيقال عمر:-تفضلوا قالت زوجة صلاح الشيخ:-إن لم يكن لديهم مانع، أريد أن ألقي نظرة على تقسيم البيت.قال عمر:-البيت بيتكم، تفرجي كما تشائينقالت سعدية:-تفضليكانت زوجة صلاح الشيخ السيدة هبة قد بهرها تقسيم البيت، وجمال أثاثه فالتفتت إلى زوجها قائلة:-أريد بيتاً مثل هذاقال صلاح:-لك ما تشائين، فعلاً أنه بيت رائع، وأثاثة أكثر روعةكانت زوجة صلاح الشيخ مع سعدية في المطبخ، تعدان الشاي بينما جلس عمر مع زميله صلاح في الشرفة يتحادثان ويتذكران أيام العمل في الإمارات.قال صلاح الشيخ وهو يحتسي الشاي:-أريد منك يا اخ عمر أن توصلني لجابر، أريد منه أن يبني لنا بيتاً بمواصفات بيتكقال عمر وهو يبتسم:-كما تريد-إن بيتك بهرني حقاً، إن شاء الله ترى السعادة فيهقال عمر:-سأجمعك به في الوقت الذي تريدوتفتحت أبواب السعادة لجابر وكثرت مشاريعه حتى غدا من أشهر المقاولين في الأردن.وقد تعدت مشاريعه الزرقاء، فكانت في عمان واربد، وكان يساعده في مشاريعه عدد من المهندسين، وعلا صيته كواحد من أمهر المقاولين.صدقاً في الوقت بالعمل وصدقاً في المواد يعمل وفق المخططات مع أمانة في البناء والتسليح، لا يميل ولا ينحرف.كان جابر سعيداً حينما رأى زوجته تتهاوى في مشيها، فقد أحس بقرب مولودهما الأول، سأسميه كمال على اسم والدي فإن الناس ينادونني به حتى قبل أن أتزوج "أبو كمال".في تلك الليلة أفاق جابر على تأوهات زوجته وهي تقول:-يا رب... يا ربأفاق جابر فزعاً وقال:-خير يا امرأة-أحسّ بانني سأضع-إذن لنذهب إلى مستشفى الحكمةقام بسرعة ولبس ملابسه بينما كانت تناوله شنطة فيها كل ما يلزم المولود.ما إن وصلا المستشفى، قام الطبيب المناوب بإجراء بعض الفحوصات ثم أمر الممرضة المختصة بإعداد غرفة الولادة.في تلك الأثناء كان جابر يتضرع إلى الله أن تقوم زوجته بالسلامة، وأن تضع مولودها بأمن وسلام.مرت ساعة من الآن تقريباً، أحس جابر أنها دهراً، وفجأة قطع حبل أفكاره صراخ الطفل.فقال بسره: الحمد لله، ثم خرج الطبيب من غرفة التوليد وهو يبتسم :- مبارك ، لقد رزقك الله بطفل-الله يبارك فيكتابع الطبيب:- بعد قليل تستطيع أن تطمئن على الوالدة والمولودشكر جابر الطبيب وأثنى عليه:دخل جابر الغرفة فوجد زوجته راقدة على السرير وبجوارها كمال الصغير، بادر زوجته:-الحمد لله على السلامة-الله يسلمك ثم حاولت النهوض وهي تقول:-إنه يشبهك تماماًنظر إلى الطفل وقبله وهو يقول:- ما شاء ... اللهم صل على النبي
كان جابر طموحاً، علمته الحياة أن النجاح فيها، يحتاج على عزيمة وتخطيط دونما إندفاع أو تخبط ولهذا كان دائم الحرص على القيام بواجباته بتعقل، قالت له زوجته ذات يوم وهما يتناولان طعام العشاء:- تبني العمارات للناس وتتركنافقال بحزم:-صدقيني إنني لم أنس ذلك، فقط اشتريت قطعة أرض في الزرقاء الجديدة في أرقى حي، سأريك إياها... وسأقيم عليها بيت يليق بك وبولدنا كمال.ضحكت ضحكة مليئة بالسعادة وهي تقول:- الله يقويك ويبارك فيك- ومن لي غير سيدتي الجميلة وولدنا الحبيب كمالكان المهندس عبدالفتاح أحد المهندسين الذين يشرفون على مشاريع جابر، كان مهندساً مثقفاً يقوم بالإشراف على المشاريع بهمة وإخلاص... عيبه الوحيد أنه يطلق لنفسه العنان جرياً وراء شهواته، يعشق النساء، وكان يقضي الساعات في أحضان بنات الهوى.قال له جابر ذات يوم:- أنت مهندس قليلة أمثالك ولا عيب عندك سوى تضييع أموالك وراء النساء، لماذا لا تتزوج وتضع حداً لنزواتك.- أنا أعجب كيف تطيق العيش مع واحدة فقط.-الواحدة الشريفة بنت الأصل خير من آلاف النساء المومسات.-ساحاول، ولكن هيهات قال المهندس عبد الفتاح- أريد أن أطلعك على سر لا يعرفه إلا القلةلقد تزوجت امرأة زرعت في نفسي القلق والشكوك عشت معها في جحيم، حتى جعلتني أحيا في شقاء ووهم حتى طلقتها غير آسف عليها.
قال جابر:-جرب مرة أخرى، فالنساء ليست كلهم كمطلقتك-لا يا عزيزي جربت مرة ولن أكرر المأساة- وهل ستقضي حياتك على ما أنت عليه؟- أنت مثل أمي، دائماً كلما رأتني تفتح أسطوانة زواجي وإن الزواج نصف الدين، وأنها تريد أن تفرح بي قبل أن تموت.-وماذا كنت تجيبها؟-أخرج من البيت غاضباً.-يا رجل اتق الله وعد إلى رشدك-أرجو ذلك
بينما كان جابر في مكتبه، دخل عليه أبو راشد العبندري، رحب جابر بالرجل الذي قال:-أريد منك بناء بيت لي، في جبل الأمير حسن، ولكن ليس عندي نقودقال جابر وهو يبتسم ابتسامة باهته وقال:- إذا لم يكن معك نقود، فلماذا تبني بيتاً؟قال أبو راشد مقاطعاً جابر:- أسمعت بالمقايضة؟-نعم سمعت-عال عندي مزرعة كبيرة مغروسة بالأشجار، زيتون، كمثرى، ولوز، وعنب، وفيها مساحات لزراعة البقول والخضراوات وفي المزرعة بئر وفيرة المياه.-قال جابر وهو يهز رأسه:- ومتى تريني المزرعة؟!قال الرجل بسرعة:- إن شئت الآنقال جابر:- خير البر عاجلهكانت المزرعة على طريق جرش ضمن قرى بني هاشم، في منطقة تطل على وادي الزرقاء في منطقة هادئة جميلة.قال أبو راشد:- هذه المزرعة يا أخ جابر فيها من الأشجار المثمرة من كل نوع يخطر على بالك، إضافة إلى الزيتون، ثم أشار إلى بقعة مزروعة بالبقول فاصوليا، باميا، بندورة وخس موزعة بترتيب وتنسيق جيد.ثم أردف قائلاً:- عندي عامل مصري يقوم بالإشراف على المزرعة وهو مجاز اليوم، وسيعود غداً صباحاً.ثم سار نحو بيت ريفي وقال له:- هذا البيت ثم أدخل المفتاح وعالجه حتى فتح ودخلا البيت الذي يتكون من غرفتين ومنافعهما ومن الخلف يوجد باب لغرفة مع منافعها للأدوات الزراعية ومكان لنوم العامل.ثم أراه البئر القريبة من البيت.وقال له:-هذه البئر كلفتني أكثر من عشرة آلاف دينار يتم سقي المزرعة منها.قال جابر:- كم مساحة الأرض؟قال أبو راشد:- أربعة دونمات.أعجب جابر بالمزرعة أيما إعجاب موقع جميع مشرف على الوادي، منبسطة، أشجار يانعة وإن كانت صغيرة لكنها تبشر بالخير.قال لأبي راشد:-وكم تريد ثمناً لها؟قال أبو راشد:-صدقني لقد دفعوا بها في العام الماضي أربعين ألفاً، فرفضت.ثم تابع يقول:- والله لولا أن أولادي لا يهتمون بها ولا يحبون أن يأتوا إليها، وأنا رجل تقدم بي العمر، وضعفت قواي، لهذا أحببت أن أبيعها.والله إنها جنة فيها كل شيء من الفواكه والأشجار والظلال، والمياهقال جابر موافقاً:- ما تقوله صحيح، إنها جميلة وارفة الظلال، منظرها يشفي العليلثم أردف قائلاً:- وكم ستبيعها لي؟- لا أبيع ولا أشتري، تقوم ببناء فيلا تتألف من مساحة مائة وستين متراً لأن الأرض عندي مساحتها دونم ونصفقال جابر:- إذن تريد إحاطة الفيلا بحدائق كأنك لم تنس المزرعةضحك أبو راشد وقال:- هل هناك أجمل من الأشجار والأزهار والوجه الحسن!!!ضحك الاثنان معاً.قام جابر بحساب المزرعة وتكاليف البناء فوجد أن الأمر لا يزيد أو يقل عن خمسة وثلاثين ألف دينارفقال لأبي راشد وهو يطلعه على حساباته:- إن الأمر -كما ترى – لا يزيد ولا ينقص عن خمسة وثلاثين ألفثم أردف قائلاً:- طبعاً، كل الأمور ستكون سوبر ديلوكس وتسليم مفتاحقال أبو راشد:- نقرأ الفاتحة... وقرءا الفاتحة معاً.
التقى عمر الجاروشي بزميله صلاح الشيخ في محطة المحروقات فما أن رآه عمر حتى صاح بابتهاج:
-الأستاذ صلاح الشيخ غير معقول
-أهلاً أخ عمر
-متى قدمت من الإمارات؟
-قبل ثلاثة أيام
ثم أردف قائلاً بشوق:
-قل لي ما أخبار بيتك؟
قال عمر والبسمة تضيء وجهه:
-أجمل وأروع مما كانت أتصور
-الله يهنيك أريد أن أراه فإذا أعجبني أجعل جابر يبني لي مثله
-زرنا وسترى
-أريد العنوان حتى آتيك مع أم العيال.
ثم سكت برهة وتابع قائلاً:
-على الأقل نبارك لكم بالسكنى الجديدة
-أهلاً بك وقتما شئت
قال صلاح الشيخ:
-الليلة إن لم يكن عندكم مانع.
-يا أخي كما تشاء عنوان البيت الزرقاء الجديدة شارع 16 قرب المدرسة الثانوية وسأكون بانتظارك.
-عال العال
وقفت سيارة صلاح الشيخ قريباً من منزل عمر، فقام عمر بالاتصال بصلاح قائلاً:
-أهلاً وسهلا، انتظروني إني قادم إليك
نزل عمر بسرعة مرحباً:
-أهلاً وسهلاً
-أهلاً بك
ودخلا باحة المنزل، كان صلاح يجول بعينيه في البيت، وهو يهز رأسه إعجاباً، أما زوجته فكانت أشد دهشة فقالت:
-هذا والله بيت العمر
ثم التفتت إلى عمر قائلة:
-ما شاء إنه بيت جميل
قال عمر:
-مرحباً
-أهلاً وسهلاً زارتنا البركة
لما دخلا البيت ورأياه قال صلاح الشيخ:
-اللهم صل على النبي
قال عمر:
-تفضلوا
قالت زوجة صلاح الشيخ:
-إن لم يكن لديهم مانع، أريد أن ألقي نظرة على تقسيم البيت.
قال عمر:
-البيت بيتكم، تفرجي كما تشائين
قالت سعدية:
-تفضلي
كانت زوجة صلاح الشيخ السيدة هبة قد بهرها تقسيم البيت، وجمال أثاثه فالتفتت إلى زوجها قائلة:
-أريد بيتاً مثل هذا
قال صلاح:
-لك ما تشائين، فعلاً أنه بيت رائع، وأثاثة أكثر روعة
كانت زوجة صلاح الشيخ مع سعدية في المطبخ، تعدان الشاي بينما جلس عمر مع زميله صلاح في الشرفة يتحادثان ويتذكران أيام العمل في الإمارات.
قال صلاح الشيخ وهو يحتسي الشاي:
-أريد منك يا اخ عمر أن توصلني لجابر، أريد منه أن يبني لنا بيتاً بمواصفات بيتك
قال عمر وهو يبتسم:
-كما تريد
-إن بيتك بهرني حقاً، إن شاء الله ترى السعادة فيه
قال عمر:
-سأجمعك به في الوقت الذي تريد
وتفتحت أبواب السعادة لجابر وكثرت مشاريعه حتى غدا من أشهر المقاولين في الأردن.
وقد تعدت مشاريعه الزرقاء، فكانت في عمان واربد، وكان يساعده في مشاريعه عدد من المهندسين، وعلا صيته كواحد من أمهر المقاولين.
صدقاً في الوقت بالعمل وصدقاً في المواد يعمل وفق المخططات مع أمانة في البناء والتسليح، لا يميل ولا ينحرف.
كان جابر سعيداً حينما رأى زوجته تتهاوى في مشيها، فقد أحس بقرب مولودهما الأول، سأسميه كمال على اسم والدي فإن الناس ينادونني به حتى قبل أن أتزوج "أبو كمال".
في تلك الليلة أفاق جابر على تأوهات زوجته وهي تقول:
-يا رب... يا رب
أفاق جابر فزعاً وقال:
-خير يا امرأة
-أحسّ بانني سأضع
-إذن لنذهب إلى مستشفى الحكمة
قام بسرعة ولبس ملابسه بينما كانت تناوله شنطة فيها كل ما يلزم المولود.
ما إن وصلا المستشفى، قام الطبيب المناوب بإجراء بعض الفحوصات ثم أمر الممرضة المختصة بإعداد غرفة الولادة.
في تلك الأثناء كان جابر يتضرع إلى الله أن تقوم زوجته بالسلامة، وأن تضع مولودها بأمن وسلام.
مرت ساعة من الآن تقريباً، أحس جابر أنها دهراً، وفجأة قطع حبل أفكاره صراخ الطفل.
فقال بسره: الحمد لله، ثم خرج الطبيب من غرفة التوليد وهو يبتسم :
- مبارك ، لقد رزقك الله بطفل
-الله يبارك فيك
تابع الطبيب:
- بعد قليل تستطيع أن تطمئن على الوالدة والمولود
شكر جابر الطبيب وأثنى عليه:
دخل جابر الغرفة فوجد زوجته راقدة على السرير وبجوارها كمال الصغير، بادر زوجته:
-الحمد لله على السلامة
-الله يسلمك
ثم حاولت النهوض وهي تقول:
-إنه يشبهك تماماً
نظر إلى الطفل وقبله وهو يقول:
- ما شاء ... اللهم صل على النبي
كان جابر طموحاً، علمته الحياة أن النجاح فيها، يحتاج على عزيمة وتخطيط دونما إندفاع أو تخبط ولهذا كان دائم الحرص على القيام بواجباته بتعقل، قالت له زوجته ذات يوم وهما يتناولان طعام العشاء:
- تبني العمارات للناس وتتركنا
فقال بحزم:
-صدقيني إنني لم أنس ذلك، فقط اشتريت قطعة أرض في الزرقاء الجديدة في أرقى حي، سأريك إياها... وسأقيم عليها بيت يليق بك وبولدنا كمال.
ضحكت ضحكة مليئة بالسعادة وهي تقول:
- الله يقويك ويبارك فيك
- ومن لي غير سيدتي الجميلة وولدنا الحبيب كمال
كان المهندس عبدالفتاح أحد المهندسين الذين يشرفون على مشاريع جابر، كان مهندساً مثقفاً يقوم بالإشراف على المشاريع بهمة وإخلاص... عيبه الوحيد أنه يطلق لنفسه العنان جرياً وراء شهواته، يعشق النساء، وكان يقضي الساعات في أحضان بنات الهوى.
قال له جابر ذات يوم:
- أنت مهندس قليلة أمثالك ولا عيب عندك سوى تضييع أموالك وراء النساء، لماذا لا تتزوج وتضع حداً لنزواتك.
- أنا أعجب كيف تطيق العيش مع واحدة فقط.
-الواحدة الشريفة بنت الأصل خير من آلاف النساء المومسات.
-ساحاول، ولكن هيهات قال المهندس عبد الفتاح
- أريد أن أطلعك على سر لا يعرفه إلا القلة
لقد تزوجت امرأة زرعت في نفسي القلق والشكوك عشت معها في جحيم، حتى جعلتني أحيا في شقاء ووهم حتى طلقتها غير آسف عليها.
قال جابر:
-جرب مرة أخرى، فالنساء ليست كلهم كمطلقتك
-لا يا عزيزي جربت مرة ولن أكرر المأساة
- وهل ستقضي حياتك على ما أنت عليه؟
- أنت مثل أمي، دائماً كلما رأتني تفتح أسطوانة زواجي وإن الزواج نصف الدين، وأنها تريد أن تفرح بي قبل أن تموت.
-وماذا كنت تجيبها؟
-أخرج من البيت غاضباً.
-يا رجل اتق الله وعد إلى رشدك
-أرجو ذلك
بينما كان جابر في مكتبه، دخل عليه أبو راشد العبندري، رحب جابر بالرجل الذي قال:
-أريد منك بناء بيت لي، في جبل الأمير حسن، ولكن ليس عندي نقود
قال جابر وهو يبتسم ابتسامة باهته وقال:
- إذا لم يكن معك نقود، فلماذا تبني بيتاً؟
قال أبو راشد مقاطعاً جابر:
- أسمعت بالمقايضة؟
-نعم سمعت
-عال عندي مزرعة كبيرة مغروسة بالأشجار، زيتون، كمثرى، ولوز، وعنب، وفيها مساحات لزراعة البقول والخضراوات وفي المزرعة بئر وفيرة المياه.
-قال جابر وهو يهز رأسه:
- ومتى تريني المزرعة؟!
قال الرجل بسرعة:
- إن شئت الآن
قال جابر:
- خير البر عاجله
كانت المزرعة على طريق جرش ضمن قرى بني هاشم، في منطقة تطل على وادي الزرقاء في منطقة هادئة جميلة.
قال أبو راشد:
- هذه المزرعة يا أخ جابر فيها من الأشجار المثمرة من كل نوع يخطر على بالك، إضافة إلى الزيتون، ثم أشار إلى بقعة مزروعة بالبقول فاصوليا، باميا، بندورة وخس موزعة بترتيب وتنسيق جيد.
ثم أردف قائلاً:
- عندي عامل مصري يقوم بالإشراف على المزرعة وهو مجاز اليوم، وسيعود غداً صباحاً.
ثم سار نحو بيت ريفي وقال له:
- هذا البيت
ثم أدخل المفتاح وعالجه حتى فتح ودخلا البيت الذي يتكون من غرفتين ومنافعهما ومن الخلف يوجد باب لغرفة مع منافعها للأدوات الزراعية ومكان لنوم العامل.
ثم أراه البئر القريبة من البيت.
وقال له:
-هذه البئر كلفتني أكثر من عشرة آلاف دينار يتم سقي المزرعة منها.
قال جابر:
- كم مساحة الأرض؟
قال أبو راشد:
- أربعة دونمات.
أعجب جابر بالمزرعة أيما إعجاب موقع جميع مشرف على الوادي، منبسطة، أشجار يانعة وإن كانت صغيرة لكنها تبشر بالخير.
قال لأبي راشد:
-وكم تريد ثمناً لها؟
قال أبو راشد:
-صدقني لقد دفعوا بها في العام الماضي أربعين ألفاً، فرفضت.
ثم تابع يقول:
- والله لولا أن أولادي لا يهتمون بها ولا يحبون أن يأتوا إليها، وأنا رجل تقدم بي العمر، وضعفت قواي، لهذا أحببت أن أبيعها.
والله إنها جنة فيها كل شيء من الفواكه والأشجار والظلال، والمياه
قال جابر موافقاً:
- ما تقوله صحيح، إنها جميلة وارفة الظلال، منظرها يشفي العليل
ثم أردف قائلاً:
- وكم ستبيعها لي؟
- لا أبيع ولا أشتري، تقوم ببناء فيلا تتألف من مساحة مائة وستين متراً لأن الأرض عندي مساحتها دونم ونصف
قال جابر:
- إذن تريد إحاطة الفيلا بحدائق كأنك لم تنس المزرعة
ضحك أبو راشد وقال:
- هل هناك أجمل من الأشجار والأزهار والوجه الحسن!!!
ضحك الاثنان معاً.
قام جابر بحساب المزرعة وتكاليف البناء فوجد أن الأمر لا يزيد أو يقل عن خمسة وثلاثين ألف دينار
فقال لأبي راشد وهو يطلعه على حساباته:
- إن الأمر -كما ترى – لا يزيد ولا ينقص عن خمسة وثلاثين ألف
ثم أردف قائلاً:
- طبعاً، كل الأمور ستكون سوبر ديلوكس وتسليم مفتاح
قال أبو راشد:
- نقرأ الفاتحة...
وقرءا الفاتحة معاً.
تعليقات
إرسال تعليق