الريح العقيم (الجزء التاسع عشر)





            

                              الريح العقيم 

                                      رواية

                      محمد حمودة زلوم 

                       الجزء التاسع عشر 


 كانت سهير في مكتب المهندس فريد تقوم بعملها بشوق حتى دخل المكتب المهندس فريد فقال:

-صباح الخير

-صباح النور

-هل أنجزت الأوراق التي أعطيتك إياها؟

ناولته الأوراق ونظر إليها وقال:

-إن عملك لا يضاهي

ثم نظر إليها فتسمرت عيناه بعينيها غطت طرفها فقال:

-ما أجملك!!

قالت بحياء:

-شكراً

قال وقد أسره جمالها وحياءها:

-سأقول لك، أنا رجل صريح، والله إنك أجمل فتاة رأيتها في حياتي

قالت بحياء:

-آه

إذا قلت لك إنك منذ أن عملت معي تفتحت أبواب الرزق معي

-الحمد لله

-صدقيني إنني عندما أراكِ أشعر بالسعادة كأنني أعرفك منذ زمن بعيد جداً

لم تنطق سهير ببنت شفة، بل كان قلبها يرقص طرباً لما سمعته من كلام شاعري، قطع صوت المهندس فريد حبل صمتها:

-تكلمي

قالت بحياء:

-ماذا أقول؟؟!!

فقال يغني أغنية عبدالحليم:

-قل لي حاجة أي حاجة.. قل أحبك قل كرهتك

اكتسى وجهها بالحمرة فقالت:

-لقد فاجئتني ولست أدري ما أقول وإن شعوري نحوك يزداد يوماً بعد يوم ولكنني خائفة!!

ذُعر كمن لسعته أفعى فقال:

-مم تخافين... قولي مني!!

-أخاف أن يكون حبك ملهاة

قال بهيام زائد:

-قولي احبك وأنا مستعد من الزواج منك حالاً.

-حالاً... وأهلي وأهلك لا نشاورهم

-بلى يوم الجمعة القادم أبي وأمي إلى بيتكم مساء، وطالما أنا راضي وأنتِ راضية فكل شيء يهون

قالت:

-إن أبي رجل بسيط، وبيتنا أيضاً بسيط

-يا حبيبتي لا تُعقدي الأمور إني أريدك لأنني عندما رأيتك قلت هذه من أبحث عنها.

ضحكت مستسلمة وقالت:

-أرجو ألا يخيب ظنك بي، سأكون نِعم الزوجة إن شاء الله

-وسأكون نعم الزوج

******

كانت نادية تعد طعام الغذاء، كانت الساعة تقترب من الواحدة، حيث أخرج نقالها أصوات موسيقى، نظرت في شاشة النقال وقالت:

-أهلاً ميرفت

-أهلا بك ... أزعجتك

-ولو... كم أنا سعيدة لسماع صوتك

-القلوب عند بعضها

-أين أنتِ؟!

-إنني في البيت، وقد جاء زوجي ومعه نقود الكويت

-ألف مبروك

-رتب زوجي لقاء مع المتعهد جابر

قالت نادية:

-ما رأيك اذهب معك أنتِ وزوجك إلى مكتبه

-نحن بهذا نتعبك

-توكلي على الله

-إذن أحدث زوجي وأخبرك

-كما تشائين

******

اتصلت نادية بجابر وقالت له بفرح:

-أين أنت يا رجل، والله اشتقنالك

-وأنا كذلك، أين أنتِ؟

-في البيت، 

ثم أردفت قائلة:

-اسمع، اليوم بعد العصر سأكون في مكتبك مع صديقة لي وزوجها يريدون أن تبني لهم بيتاً مثل بيتنا

-معنى ذلك تريدين عمولة؟!

-العمولة التي أريدها منك أن تحافظ على حبي

ضحك ضحكة طويلة وقال:

-وهل رأيتِ مني تقصيراً

-أبداً فأنا متلهفة لرؤيتك

-ليس أكثر مني

-على كل انتظرنا في المساء

-سأكون في الانتظار

في المساء كانت نادية وصديقتها ميرفت وزوجها عند مكتب جابر، وقف جابر مرحباً وسلم على الرجل:

-أهلاً وسهلاً

قال خيري بوقار:

-أهلاً بك، الحقيقة إننا رأينا بيت الدكتور طلال فأدهشنا عملك

قال جابر:

-استغفر الله

-نريد بيتاً مثله

-إن شاء الله وأجمل

تدخلت نادية محتجة:

-يعني أجمل من بيتنا!! 

-أقصد أنه سيكون في روعة بيتكم

قال خيري:

-وما المطلوب مني؟!

-مطلوب منك أن ترينا قطعة الأرض التي سيقام عليها البناء، أما المخططات فهي عندي جاهزة، فهي نفس مخططات الدكتور ننسخ عنها.

قال خيري:

-عال العال، وفر علينا ثمن المخططات

قال جابر ضاحكاً:

-نعم

-ما رأيك لو لنذهب لنرى الأرض

-لا مانع عندي

كانت قطعة الأرض في جبل طارق بنايات متناثرة، كانت تطل على شارعين فقال جابر بإعجاب:

-قطعة الأرض في موقع جميل، وحي جديد، وإن شاء الله سأطلب من المساح تحديدها في أقرب وقت، وسأعطي البناء المخططات ليبدأ العمل.

قال خيري:

-ما المطلوب مني؟

قال جابر:

-لا نختلف، نكتب العقد غداً في المكتب وعلى فكرة، إذا كان في البيت مواصفة فيلا الدكتور، فلن يأخذ الأمر إلا فترة وجيزة.

كانت نادية وصديقتها تقفان بعيداً عن جابر وخيري وتتحادثان في أمور شتى.

قال جابر يخاطب الرجل:

-غداً تتفضل على المكتب

-إن شاء الله... ما رأيك بفنجان قهوة 

ثم أشار إلى بيت وأدرف قائلاً:

-بيت والدي ذاك البيت، نشرب القهوة معك

قال جابر معتذراً:

-الأيام قادمة... نستأذن

قالت نادية:

-خذني معاك

-تفضلي

بعد أن ركبت نادية إلى جانب جابر في السيارة وأخذت السيارة تسير سيراً حثيثاً قالت له:

-وكيف أنت...؟!

-الحمد لله

قالت:

-ما رأيك، نقضي ساعة من الزمن في المزرعة؟

قال لها:

-المزرعة، مستحيل اليوم هناك عمال يقومون بتسميد الأرض، وقد اتصلت بهم قبل مجيئكم فأخبروني أنهم لا يزالون يعملون

-إذن نذهب إلى أي مكان؟

-أرى أن أوصلت لبيتك

-كأنك تريد أن تتخلص مني!!

لم يجب بل ابتسم ابتسامة جعلتها تتابع القول:

-ما أجمل ابتسامتك!

-أتعرفين، والله لولا مخافة الله ثم مخافة ألسنة الناس لسرت معك أمام العالم كله ولكن...

قالت وهي تضحك:

-ولكن أخاف عليكِ 

ثم أردف قائلاً وهو يوقف السيارة

-تفضلي انزلي فنحن أمام بيتك

-يا إلهي... ما أسرع الوقت

قال وهي تنزل من السيارة وهي ترفع يدها:

-شكراً شكراً مع السلامة

يتبع .....


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الريح العقيم رواية (الفصل الاول)

التفاهة على مواقع التواصل الاجتماعي

قراءة لرواية انفاس الخزامى