الريح العقيم ( الجزء الرابع والعشرون )
الريح العقيم
رواية
محمد حمودة زلوم
الجزء الرابع والعشرون
اغتنمت ميرفت خروج زوجها إلى عمله فاتصلت بجابر:
-صباح الحب
-صباحك سكر
-لقد أخبرني خيري عما تم إنجازه من البناء
-وما رأيه؟
-إنه معجب بك إعجاباً كثيراً، فقد قال لي إن الرجال الصادقون قليلون في هذه الأيام
وقال أنه حاول اقناعك للتعامل مع البورصة
-وما رأيك أنت؟
قالت:
-ربحنا عشرة آلاف في أقل من شهرين والناس يقبلون عليها بلهفة شديدة
-بل بطمع شديد للمال
-ما دام الناس يكسبون ويحققون أرباحاً كبيرة، فما المانع؟!
-نعم حسب رأيك، ما دام الناس يكسبون ، فلماذا يتأخرون ؟
توقف فترة ثم أردف قائلاً:
-وكيف أنتِ؟
-أذوب شوقاً لرؤيتك
-وأنا كذلك
لا تخف سأكون معك عندما يكون الوقت مناسباً
-إلى اللقاء
-إن شاء الله يكون قريبًا
******
البورصة كان حضورها كالسحر، لحست عقول الناس رجالاً ونساء، الأرباح الكبيرة، حتى الصحف ملأى بالإعلانات التي تثير العقول، وتسابق الناس في كثير من المدن الأردنية، للإيداع في البورصة.
في مساء الخميس كان مكتب جابر قد ضاق على من فيه عمال٬مهندسون،مقاولون،مراجعون.
قال المهندس عبدالفتاح كأنه يطرح موضوعات للنقاش:
-الذي يحيرني إقبال الناس على البورصة
قال أبو رشدي النص:
-ببساطة الطمع٬وكماقيل الطمع ضرّومانفع.
قال المهندس عبدالفتاح:
-لكن كل الذين أودعوا أمولاً فيها ربحوا أربحاً كثيرة.
فقال أبو العبد الطوبار عند جابر:
-أمر محير، كلما قلت اشتري عدة أسهم شيء في داخلي يقول لي لا تفعل
قال جابر:
-لقد شاركت في شراء عدة أسهم وإذا تأكدت إن ذلك مجزياً اشتريت أكثر
قال فراس الدقاق معلم الطوبار:
-لقد بعت ذهب زوجتي بخمسة آلاف دينار، واشتريت بهما أسهماً
قال جابر:
-وهل ربحت شيئاً؟
قال فراس:
-نعم ربحنا في الشهرين الماضيين مائتي دينار
قال جابر:
-أرأيتم، إن الحالة صحيحة مائة بالمائة
قال أبو رشدي النص:
-إذا ظلت البورصة تعطي الأرباح وتعطي فإن الناس سوف يعتمدونعليهافي حياتهم فيحكم عليهم الكسل.
وتابع أبو رشدي ،قد بدت على وجهه شيماء القلق:
-ليس المهم الربح أو الخسارة المادية ولكن يجب أن نعرف هل هذا حلال أم حرام؟!
قال أبو فراس الدقاق:
-إن مسؤول البورصة الذي اشتريت منه شيخ ولحية تصل صدره.
قال أبو رشدي:
-يا ناس هذا قمار
واحتد الجدال بين الجالسين حتى وقف أبو رشدي قائلاً وقد قام من مجلسه لمغادرة المكان:
-يا ناس البورصة حرام والسلام عليكم
قال فراس الدقاق:
-ناس تحرمه على الإطلاق، وناس تحلله، وناس تقول فيه شبهة والله أعلم
بقيام أبو رشدي، انفرط العقد فأخذ المجتمعون يغادرون المجلس
كثيرون أمام المال يفقدون الرشد، أكان حلالاً، أو حراماً يهمهم الكسب السريع وهكذا.
ولهذا كان تهافت الكثيرون على شراء أسهم البورصات، وأودعوا أموالهم طمعاً وشرها، يحلمون الحياة البذخ والرخاء والكسل.
أُلقي حجر في مياه البورصة الساكنة وبدأت الشكاوي من عدد كبير من مدينة اربد تقول إن عمليات النصب والاحتيال قام بها أحد أصحاب البورصات ، وأخذ الأموال وفر إلى خارج البلآد.
لهذاأخذأصحاب البورصات في عمان يدافعون عن أنفسهم،وأن ماحدث في اربد ليس دليلاعلى أن كل البورصات مصائد للناس،وبدأت تظهر في الصحف استنكارات أصحاب البورصات لتُطمئن عملاءها.
قال فراس الدقاق:
-النصب والاحتيال يقع في كل مجال، والبورصة إذا دخلها بعض المحتالين، فليس كل شركات البورصة محتالة.
قال جابر:
-فعلاً لقد ذهبت إلى المدير المسؤول عن البورصة التي اشتريت منها اسهمي رحب بى، ولما سألته عما حدث في اربد قال لي مطمئناً أولاد الحرام لم يتركوا لأولاد الحلال شيئا. وناولنى شيكاً بأرباح أسهمي أكثر من عشرة آلاف دينار.
-إذن تأكدت أن ما حدث في اربد هو احتيال، ولكن البورصة في عمان يقوم عليها أناس شرفاء وجادون.
-بالطبع ولهذا وضعت العشرة آلاف ثمناً لشراء اسهم تضاف إلى رصيدي.
تعليقات
إرسال تعليق