الريح العقيم (الجزء الثلاثون )



 

                              الريح العقيم 

                                      رواية 

                           محمد حمودة زلوم 

                              الجزء الثلاثون 


 صالون الأناقة واسع، ثماني مقاعد من الجلد الأسود، ومقعدان لجلوس السيدات التي جاء دورها للتزيين ، وعلى مقربة منهما الأدوات والمواد التي تستعملها صاحبة الصالون ومساعدتها.

خمس نساء يجلسن على المقاعد الجلدية.

السيدة ميرفت التي كانت تنظر لساعة يدها بادياً عليها القلق، لتأخر صديقتها نادية، وامرأتان تتحادثان معاً، وإلى قربهما تجلس فتاة هي أختهما وهي عروس الليلة دخلتها، وسيدة سمراء تجلس بوقار، يبدو أنها موظفة مترفة، وجارتها خادمتها السيريلانكية تحمل طفلاً، قالت السيدة تخاطب الخادمة:

-احملي الطفل جيداً

انتبهت الخادمة كأنها أفاقت من شرودها وأجلست الطفل برفق وحنان في حضنها

أخرجت ميرفت نقالها واتصلت بنادية:

-صباح الخير

-لماذا تأخرتِ؟ أنا بانتظارك! لا تتأخري

قالت ميرفت تخاطب السيدة السمراء:

-أنتِ عندك خادمة سيرلانكيه، هل أنتِ مرتاحة معها؟

-طبعاً وإلا ما جئت بها

-وهل زوجك موافق على ذلك؟

-طبعاً، فهو الذي جاء بها، وعلى فكرة على الرغم من إيجابيات العاملة في المنزل العديدة، إلا أنه في أحيان كثيرة قد تشكل خطراً على المنزل وخصوصاً على الأطفال من حيث تعلقهم بها.

قالت ميرفت باستغراب:

-وكيف ذلك؟

-قد يؤثر على علاقتهم مع أبويهم، بالإضافة إلى أنه أحياناً لا يستطيع الأبوان تلبية بعض رغبات أبنائهم، أما العاملة فهي مضطرة للاستجابة لهم بجميع الأشكال، وبطبيعة الطفل وبذكائه يتجه نحوها لاستجابتها له.

قالت صاحبة الصالون السيدة صباح التي كانت تستمع إلى السيدة باهتمام:

-يا مدام شهناز هل الخادمة ضرورية، حتى و لم تكن لدى بعضنا قدرة على إعالة الأسرة أصلاً، فكيف بالوافدة الإضافية؟ أم هي المباهاة للقول أن في بيتنا خادمة؟

قالت السيدة شهناز:

-هكذا يكون الأمر غير صحي غير مقبول

قالت السيدة المرافقة للعروس:

-قبل سنة عملت عندي خادمة عربية، وأعطيها أجرتها يومياً، ولما أحضرت خادمة أجنبية استرحت معها، فهي أفضل لأنها تعمل دون كلل ولا ملل ولا تطلب إجازة وراضية بما تقوم به.

قالت ميرفت:

-أليست الخادمة المحلية أفضل؟!

قالت السيدة صباح:

-لقد أحضرت خادمة محلية فقد عانيت معها مشاكل  لا تعد ولا تحصى، فلم يبق سر من أسرار المنزل إلا وأسمعه من الجيران، وكانت تختلق الأكاذيب تارة لتذهب إلى أهلها، وتارة أنها مريضة، وأحياناً تزعم أن شقيقها تعرض لحادث، لهذا وجدت في الخادمة الأجنبية ما يُريحني، رغم أن لغتها مختلفة تماماً عن لغتنا وعاداتها مختلفة عن عاداتنا إلا انني أستطيع أن أجعلها تتعاون معي.

في تلك الأثناء دخلت نادية والبسمة تضيء وجهها واتجهت صوب ميرفت وهي تعتذر:

-آسفة، إن تأخري ليس بيدي، فقد أرسلت ولدس حسان إلى عيادة أبيه، حيث يقوم بتركيب جهاز جديد للعيادة 

قالت ميرفت:

-جئتِ بالوقت المناسب

-خير

-نحن في نقاش حول الخادمات الأجنبيات اللواتي غزين بيوتنا


يتبع .......


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الريح العقيم رواية (الفصل الاول)

التفاهة على مواقع التواصل الاجتماعي

قراءة لرواية انفاس الخزامى