الريح العقيم ( الجزء الحادي والثلاثون)



 

                             الريح العقيم 

                                      رواية 

                           محمد حمودة زلوم 

                  الجزء الحادي والثلاثون 

 قالت السيدة صباح:

-شقيقتي دلال على الرغم من أنها ليست موظفة، لكن لديها ثلاثة أطفال، والخادمة تعينها في تربيتهم وتسهم في إنجاز أعمال المنزل، لكنها إضافة لعنايتها بالأطفال، فقد أخبرتني شقيقتي دلال أنها في كثير من الأحيان تشعر بالملل وتشعر بفراغ قاتل، فوجود الخادمة علمها الكسل والاتكال، وعدم الاهتمام بشؤون المنزل، لأن الخادمة هي المسؤولة عن كل شيء.

قالت نادية متدخلة:

-عمل المرأة في البيت هو الذي يمدها بالسعادة

قالت السيدة صباح:

-تقول شقيقتي، إن أولادها تعلقوا بالخادمة أكثر من تعلقهم بأمهم، لأنها هي من تعتني بهم، خصوصاً ابنة شقيقتي الصغيرة، لأنها تلازمها باستمرار وتنام معها في غرفتها.

كانت عاملة الصالون التي تساعد السيدة صباح تستمع لما يجري في حوار فقالت:

-إن زوجي يرفض وجود امرأة أخرى في بيته وتربي أطفاله، لكن ظروف الحياة، وطبيعة عمل زوجي، وطبيعة عملي في الصالون، جعله يضطر إلى إحضار خادمة أجنبية في بيتنا و لكنه يحرص على نظافتها حيث يعمد إلى اخضاعها إلى فحوصات طبية من آونة وأخرى للاطمئنان عليها وعلى الأسرة.

قالت السيدة صباح:

-إنني أرفض أن أحضر خادمة إلى بيتي، كيف أدخل امرأة تختلف عاداتها وتقاليدها عن عاداتنا وتقاليدنا، وبعيدة عن لغتنا فهي غريبة عني.

ثم سكتت برهة وتابعت الحديث:

-فوالدتي رحمة الله عليها، كان لديها خمسة أطفال، وتعمل في المزرعة، ورغم ذلك لم تحضر أية امرأة لتقوم بتربية أطفالها. فكيف الآن وأنا امرأة ليس لدي سوى طفلين وأعمل لمنتصف النهار فقط، ولا أقوى على تربيتهما، فلو أحضرت خادمة أجنبية اجعل لأطفالي شخصية مزدوجة.

قالت السيدة سندس وهي تحمل شهادة الماجستير في علم الاجتماع:

-لقد كانت رسالتي في الماجستير بعنوان الخادمات الأجنبيات ما لهن وما عليهن

قالت السيدة صباح:

-أيتها السيدات عند الأستاذة سندس القول الفصل انصتن

ثم أشارت على السيدة سندس وقالت :

-تفضلي، اشفي صدورنا

ابتسمت الأستاذة سندس ابتسامة رقيقة واعتدلت في مجلسها وقالت بهدوء :

-إن ظاهرة العاملات الأجنبيات، أصبحت منتشرة في منازلنا، ودون شعور بخطرهن على أنفسنا وعلى أطفالنا، وعلى بيوتنا، فالتقاليد مختلفة والعادات غريبة، وكذلك نجد أن لغة التخاطب مع الخادمات تؤدي إلى تعلم الأطفال لغة لا يستعملونها في حياتهم حيث يكبرون، أو حتى في تعاملهم، من هنا تبدو المسألة صعبة وتحتاج إلى وعي من قبل الأهل وتنظيم في العلاقة، بحيث لا تكون دائماً مع الصغار.

وأن لا تكون العاملة في المنزل إلا في حالة الاحتياج التام والضرورة القصوى.

قالت السيدة صباح:

-يسلم فمك

ساد هرج ومرج بين الجالسات ثم قالت السيدة صباح:

-مدام ميرفت تفضلي دورك

قالت ميرفت:

-مستحيل، تفضلي يا أخت نادية

يتبع .......


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الريح العقيم رواية (الفصل الاول)

التفاهة على مواقع التواصل الاجتماعي

قراءة لرواية انفاس الخزامى