الريح العقيم (الجزء الثاني والثلاثون )
الريح العقيم
رواية
محمد حمودة زلوم الجزء الثاني والثلاثون والاخير
وضعت الحكومة يدها على أموال أصحاب البورصات، وكانت جادة في إرجاع ما يمكن إرجاعه، عن طريق إرجاع الاموال أو وضع ترتيبات حكيمة اتخذتها الحكومة لرد أموال المشتركين، ولهذا كانت تعيد إلى المشتركين بعضاً من اشتراكاتهم تبعا لحجم المبالغ التي دفعوها.
كان جابر كفلاح ينتظر نزول المطر، وفعلاً أعادوا له مبلغ عشرة آلاف دينار، ريثما يتم في وقت لاحق إرجاع بقية ما دفعه على دفعات، فرح جابر ما استعاده من أمواله، ولكن ذلك لم يمنع من بقاء طيور الفاجعة في سماء حياته، فكانت كالريح العقيم، المبالغ الطائلة التي دفعها كبيرة، مزرعته ضاعت وما كان يمتلكه من سيارات وآليات قد ذهبت وأدراج الرياح.
حالة من اليأس والندم لفت حياته، وحاصره يأس وندم شائك لما آل إليه.
لم يغادر المنزل، وأصحابه تفرقوا عنه.
اكثر ما كان يؤلمه ويسبب له الصراع والأرق معاً، أولئك الذين منحهم الحب والرعاية حتى نادية حبيبة القلب لم تسأل عنه، حتى زوجها الدكتور طلال رغم ما قدمه إليه لم يسأل عنه!
-يالقساوة قلوب الناس، حتى ميرفت لم تسأل ولم تكترث به
لهذا انطوى جابر على نفسه، وصار رهين البيت جابر لا يزال يعيش في صمته، كانت خسارته كبيرة، خسر أمواله، خسر مركزه الاجتماعي، خسر ثقته بالناس. والأشد والأنكى من ذلك كله، أنه خسر نفسه فأصبح يقلب كفيه أسىً وندماً.
شيء واحد يبعث في نفسه الرضى، هو زوجته التي كانت تعمل إلى إرجاع السعادة إلى قلبه المتصدع، وطفله الوحيد رغم صغر سنه، إلا أنه كان يحرص على مجالسته وكأن الصغير كان يحس بما آل إليه والده فيقول له بعفوية وصدق:
-بابا لماذا أنت زعلان؟ مني أنت زعلان؟
فيجيبه بنبرة أسى مشوبة بالعطف:
-أنت حبيبي، كيف أزعل منك
فيضمه إلى صدره ويُقبله بحنو زائد.
وهكذا عصفت الريح العقيم على حياة جابر الوحيد الحزين في بيته لا يغادره ولا يحب رؤية أحد.
تعليقات
إرسال تعليق