الريح العقيم (الجزء السابع عشر)

     



                              الريح العقيم 

                                       رواية 

                        محمد حمودة زلوم 

                      الجزء السابع عشر 

 كانت نادية تنتظر دورها في صالون الأناقة، دخلت سيدة تفيض أنوثة ورشاقة، فلما رأت نادية قالت بدهشة:

-معقول نادية يوسف

رفعت نادية رأسها فقال:

-ميرفت!!

كان لقاءاً مثيراً بين نادية وميرفت، كانتا صديقتين، وكانتا من أكثر بنات الصف اجتهاداً، كانتا كفرس رهان.

قالت نادية تخاطب ميرفت:

-يا الله كم مر على فراقنا؟!

قالت ميرفت بعد فترة صمت وقالت:

-منذ حصولنا على التوجيهي

-يعني من ثماني سنوات تقريباً

قالت نادية وابتسامة تفيض شوقاً:

-حدثيني عنك، فإنني أتوق إلى سماع أخبارك 

قالت ميرفت:

-بعد حصولي على التوجيهي بستة أشهر تزوجت من خيري أبي النور، كان يعمل في الكويت بمؤسسة الموانئ، سافرت معه بعد الزواج بشهر تقريباً، فلما حصلت حرب الخليج واحتل صدام الكويت تركنا الكويت وعدنا للأردن. وسكنا في جبل طارق مع أبي خيري، في شقة صغيرة كانت في بادئ الأمر كبيرة، ولكن مع وجود الأولاد والأثاث صارت ضيقة وإن شاء الله سنبني بيتاً نستقل فيه.

قالت نادية:

-الله كريم، فقد كنا نعيش في بيت لا يليق بطبيب لكن الآن الحمد لله.

قالت ميرفت:

-زوجك طبيب

-نعم طبيب أسنان

قالت ميرفت بشوق:

-وبعد ذلك؟

-بعد ذلك يا عزيزتي بنينا بيتاً جميلاً في ضاحية مكة.

-إن شاء الله تتهني فيه

-عقبالك

-نحمد الله لأننا اشترينا قطعة في جبل طارق قريباً من سكن حماي أبي سعيد، وبيني وبينك نحن ننتظر التعويضات من حكومة الكويت لنقوم بالبناء

في تلك الأثناء انتهت صاحبة الصالون من مكياج شهد وقالت:

-أخت نادية تفضلي، دورك

بدأت صاحبة الصالون بعملها، وكانت تأخذ برأي نادية، بينما كانت ميرفت تقرأ في مجلة نسائية.

بعد أن انتهت صاحبة الصالون، كانت نادية في كامل زينتها كعروس جميلة، فقالت ميرفت معجبة:

-قمر والله قمر

ضحكت نادية وقالت:

-انقلي رقم نقالي وأريد أن تعطيني رقم نقالك حتى نكون على اتصال

-ضروري، يجب أن نكون على اتصال دائم

واستأذنت نادية منها وهي تقول:

-لا تنسي أن تتصلي بي

-إن شاء الله

*****

جابر يقف مع المهندس عبدالفتاح بالمشروع، يتجولان في العمارة قال جابر:

-الآن نستطيع القول باننا بحاجة إلى المهندس فارس

قال عبدالفتاح:

-دعنا منه فأخشى أن يسبب لنا مشاكل

-يا سيدي نتركه يعمل، ونضعه تحت أعيننا

-كما تريد

اتصل جابر بالمهندس فارس:

-صباح الخير، أريدك أن تمر عليّ أنا في ضاحية مكة، هل أنت مشغول؟

-إذن أنا بانتظارك... حتى أريك الموقع

وصل المهندس فارس بعد أقل من نصف ساعة فقال جابر مرحباً:

-أهلاً بشمهندس، أريد أن أريك قطعة الأرض التي ننوي بناء عمارة عليها، وسأسلمك المخططات، عندما نرجع إلى المكتب، ونريد همتك بشمهندس

-أرجو أن أكون عند حسن ظنك

-المهم عندي الصدق بالعمل

-إن شاء الله سيسير العمل كما تريد

قال جابر:

-غداً يكون عندك العمال، والآليات، ومعلم البناء وسيارات الماء، وكما رأيت الحصمة نزلناها قبل يومين، وكل ما تحتاجه من مواد، وآليات عليك الاتصال بالمهندس عبدالفتاح

ثم اخرج بطاقة المهندس عبدالفتاح وقال:

-اتصل به، فإن تعذر الاتصال به، رقم نقالي عندك

-سأكون جاهزاً، اتفقنا

-اتفقنا

******

نادية كانت في المطبخ تعد طعام الغداء، سمعت نقالها يخرج أنغاماً جميلة:

-أهلاً ميرفت

-أهلاً بيك أين أنتِ؟

-في المطبخ أعد طعام الغداء وأين أنتي؟

-أنا بالسوق

-ما رأيك لو تتفضلي عندي في البيت

-هذا وقت غير مناسب

-كل الأوقات مناسبة للحبايب، لا تترددي أريد أن تري بيتي ونجلس لنعيد الذكريات الجميلة

-وزوجك؟

-زوجي في العيادة، وقد أخبرني أنه سيتناول طعامه في العيادة

-إذن أعطني العنوان

قالت نادية:

-اركبي سيارة الأجرة، وقولي للسائق ضاحية مكة قرب مدرسة البنات، على يمينها عدي ثلاث عمارات منزلنا العمارة الرابعة، سأكون على الشرفة بانتظارك

قال السائق بعد أن توقف:

-وإن لم أكن مخطئاً فهذا هو العنوان

نزلت ميرفت من السيارة وقرأت على باب العمارة (منزل الدكتور طلال أسعد) في تلك الأثناء، كانت نادية على الباب تشرق على وجهها بسمة خفيفة.

-أهلاً وسهلاً

-أهلاً أهلاً

-أرأيت عنوان بيتنا لا يضيع أحداً

وقفت ميرفت وقد عقدت الدهشة لسانها، فيلا جميلة، فقالت نادية:

-بل أروع ما رأت عيناي

وحينما دخلتا داخل الفيلا ازداد إعجاب ميرفت وقالت:

-ما أجمل منزلك..!!! إنني احلم أن يكون لي بيت مثل هذا

قالت نادية:

-الله كريم

-الذي بنى بيتكم ذواق

قالت نادية:

-إنه صديق لزوجي

-سأخبر زوجي خيري عنه ليبني لنا مثل بيتكم

-إنه جابر وهو متعهد يبني تسليم مفتاح

-حسناً سأقنع زوجي، وأريه بيتكم إن لم يكن عندكم مانع.

-لا أبداً، تفضلوا بكل سرور متى شئتما

******


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الريح العقيم رواية (الفصل الاول)

التفاهة على مواقع التواصل الاجتماعي

قراءة لرواية انفاس الخزامى